مجلة التعاون الاقتصادي والتنمية، المجلد 40 - العدد 1

التاريخ: 28 مايو 2019

مع ما تشهده الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والمجموعات الاقتصادية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان) وجنوب أفريقيا من تطورات اقتصادية كبيرة في الآونة الأخيرة، وبالنظر للروابط القائمة بين هذه التطورات والتطورات الحاصلة في البلدان النامية والمتقدمة وكذلك على مستوى الاقتصاد العالمي ككل، فإن هذا العدد من "مجلة التعاون الاقتصادي والتنمية - مارس 2019" يحلل الاتجاهات المتعلقة بالمؤشرات الاقتصادية الرئيسية لهذه البلدان، وذلك بناء على أحدث التوقعات بخصوص الممارسات المحفوفة بالمخاطر من جانب القطاع المصرفي الخاص في الإكوادور وتأثير السياسات المتعلقة بالحد الأدنى للأجور على الاقتصاد والعمالة في تايلاند. فهذا العدد يسلط الضوء على الأصول والتخفيف من حدة الفقر في جنوب أفريقيا، ويقدم مقاربة تعتمد التحليل التلوي من أجل النظر في المغزى الإحصائي للعدوى المالية بناء على دراسات تجريبية أجريت سابقا بخصوص العدوى. كما يتناول هذا العدد بالتحليل أيضا العوامل المحددة للتجارة البينية في منظمة التعاون الإسلامي وتأثير التمويل الذي يضخه البنك الإسلامي للتنمية في مجال التجارة على التجارة البينية في دول المنظمة، يدرس كذلك مواضيع استهلاك الكهرباء والانفتاح التجاري والنمو الاقتصادي في جنوب أفريقيا.

يتناول المقال الأول الآثار المترتبة عن تطبيق التأمين على الودائع على الممارسات المحفوفة بالمخاطر في النظام المصرفي الخاص في الإكوادور، حيث تم استخدام البيانات المالية السنوية المجمعة المستمدة من القوائم المالية للبنوك الخاصة للفترة الممتدة من يناير 2007 إلى يناير 2015. ويهدف تحليل السلاسل الزمنية الذي يستخدم النسب المالية على نطاق المنظومة إلى تعزيز الفرضية التي مفادها أن مستويات المخاطر قد ازدادت أكثر في الإكوادور بعد تطبيق التأمين على الودائع في مايو 2009. وبالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل حالات ارتفاع مستويات الممارسات المحفوفة بالمخاطر بشكل كبير على مستوى البنوك الكبيرة، التي تستأثر بحصة تفوق 60% من إجمالي أصول النظام المصرفي. ويمكن في الواقع أن ينجم عن هذا الأمر تداعيات وخيمة تمس نظام التأمين والمنظومة الاقتصادية ككل إن لم يتم معالجة مشكلة الخطر المعنوي.

والمقال الثاني يجسد محاولة لتقدير الآثار المترتبة عن السياسات المتعلقة بالأجور على الاقتصاد والعمالة في تايلاند باعتبارها عضوا في الجماعة الاقتصادية التابعة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا. كما تقترح هذه الورقة البحثية أيضا سياسات مناسبة من أجل تحقيق اقتصاد مستدام على المدى الطويل في تايلاند. وتشير النتائج إلى أن الروابط السلبية بين الحد الأدنى للأجور والناتج المحلي الإجمالي، والحد الأدنى للأجور والعمالة ما هي إلا نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج. لذلك، تقترح هذه الورقة أن الرفع من الحد الأدنى للأجور أو سياسات دعم الأجور لا تناسب تايلاند بحكم عضويتها في الجماعة الاقتصادية التابعة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا، وذلك لأن هذه السياسات من شأنها أن تقلل من فرص الاستثمار وتقضي على حوافز مراكمة رأس المال البشري. وتوصلت الدراسة إلى أن زيادة إنتاجية العمل يمكن أن تغطي الآثار الناجمة عن سياسات الأجور السلبية. لكن انخفاض الحد الأدنى للأجور أدى إلى تحقيق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي ومستويات الاستثمار ومعدلات الشغل في جميع القطاعات، سواء بالنسبة للقوى العاملة التي تتمتع بالمهارات أو لتلك التي لا تتمتع بها.

ويتطرق المقال الثالث لعدد من العوامل المتسببة في الافتقار إلى الأصول في جنوب إفريقيا. وقد جرى انتقاء البيانات من أول أربع دورات للدراسة الاستقصائية حول ديناميات الدخل القومي لتقديم أدلة جديدة تؤثر على العوامل المحددة للافتقار إلى الأصول. فقد تم استخدام تحليل المركبات الرئيسية (PCA) لإحداث مؤشر الأصول والنموذج اللوجستي (logit model) لتحديد العوامل الرئيسية المحددة للافتقار للأصول في جنوب أفريقيا. وتظهر نتائج النموذج اللوجستي أن بعض العوامل مثل مستويات التعليم (الإعدادي والثانوي والجامعي)، ومتغيرات العرق والموقع الوهمية (المزارع والمناطق الحضرية) تلعب دورا كبيرا في التخفيف من الافتقار للأصول في جنوب أفريقيا. وبالمقابل يبدو أن بعض العوامل الأخرى مثل العمالة وحجم الأسرة المعيشية يكاد لا يكون لها تأثير يذكر على الافتقار للأصول.

ويحقق المقال الرابع في ظاهرة العدوى المالية التي تناولتها العديد من الأبحاث. فعلى الرغم من تداعياتها الشديدة على استقرار النظم المالية المحلية، بالإضافة إلى الفوائد المحتملة للتنويع في فرص الاستثمار في الحوافظ المالية الدولية، لا يزال هناك حاجة للتوصل إلى توافق دولي بشأن أهمية العدوى المالية. وبالتالي جرى تصميم هذه الدراسة لتطبيق المقاربة التي تعتمد التحليل التلوي من أجل النظر في المغزى الإحصائي للعدوى المالية بناء على دراسات تجريبية أجريت سابقا بخصوص العدوى. وكانعكاس لذلك، يتعين على صانعي السياسات إنشاء خطوط للائتمانات الطارئة لضمان سيولة الأسواق المالية خلال فترة التقلبات، وينبغي على المستثمرين في الحوافظ التنويع في استثماراتهم بعيدا عن الأسواق التي من الممكن أن تكون معدية. ويُعتقد أن يتضمن مستقبلا التحليل التلوي القائم على العدوى دراسات عدوى تعتمد منهجيات مختلفة، فضلا عن تحليل الانحدار التلوي لتوفير المزيد من الأفكار بخصوص مصادر التباين في دراسات العدوى.

ويسلط المقال الخامس الضوء على الخصائص المحددة للتجارة البينية في منظمة التعاون الإسلامي وتأثير التمويل الذي يضخه البنك الإسلامي للتنمية في مجال التجارة على التجارة البينية في دول المنظمة. باستخدام نموذج جاذبية التجارة، البديهي والنظري على حد سواء، يرصد هذا المقال ثمانية عشر دولة من منظمة التعاون الإسلامي من عام 2000 حتى عام 2014. وقد خلص إلى أن الناتج المحلي الإجمالي، والمسافة بين عاصمتين، والتمويل التجاري للبنك الإسلامي للتنمية، واللغة المشتركة، والمستعمرة المشتركة، والمستعمرة، وغير الساحلية، والمتجاورة، وأحداث الربيع العربي والآسيوي مثل الترتيبات التجارية التفضيلية هي عوامل مهمة من الناحية الإحصائية في تحديد الصادرات. وفي النهاية، يركز هذا المقال على إنتاج مخرجات من شأنها أن توجه البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية خلال وضع خطة تمويل تجاري تهدف إلى زيادة التجارة البينية في المنظمة.

ويتناول المقال السادس والأخير العلاقات على المدى القصير والطويل وكذلك الاتجاهات السببية بين استهلاك الكهرباء والانفتاح التجاري والنمو الاقتصادي في جنوب إفريقيا من 1984 إلى 2015 باستخدام نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع (ARDL).وقد خلص إلى أن استهلاك الكهرباء والانفتاح التجاري لهما تأثير إيجابي وهام على النمو الاقتصادي على المدى الطويل. كما كشف اختبار جرانجر للسببية أن استهلاك الكهرباء والانفتاح التجاري يسببان النمو الاقتصادي دون أي آثار مرتدة. وهو ما خلص إلى كون اقتصاد جنوب إفريقيا يستفيد بشكل كبير من زيادة إنتاج الطاقة والانفتاح التجاري.

سوف يعمل سيسرك وفريقه المعني بالمجلة بشكل مستمر على خدمة قراءه من خلال الاستمرار في عرض المقالات الأكثر ملاءمةً والمتضمنة للمعلومات القيمة والبناءة على المدى الطويل، والتي ستكون ذات فائدة وتخدم مصالح دول منظمة التعاون الإسلامي على نحو أفضل من خلال دعم التزامها بالمساهمة في توسع التعاون الاقتصادي والفني فيما بينها على المدى الطويل وما بعده.

نبيل الدبور

رئيس التحرير

 مقالات مجلة التعاون الاقتصادي والتنمية، المجلد 40 العدد 1 (2019)