مجلة التعاون الاقتصادي والتنمية، المجلد 40 العدد 3

التاريخ: 03 أكتوبر 2019

أصبحت دراسات وأدبيات التنمية الاقتصادية تكتسي أهمية أكبر في عالمنا المتكامل المعاصر. وتسعى الأمم في جميع أنحاء العالم إلى إيجاد خيارات التكيف الداخلي من أجل التأثير إيجابيا على عوامل الاقتصاد الكلي الخاصة بها. وفي هذا السياق، يتضمن هذا الإصدار من مجلة التعاون الاقتصادي والتنمية ثمانية مقالات تركز على: تأثير الإرهاب على بعض أنماط السياحة، والمستوى الأمثل للتعليم، وتحويلات العمال باعتبارها قوة دافعة للنمو الاقتصادي، وتأثير عائدات أسواق الأوراق المالية على عوامل الاقتصاد الكلي العالمي، ومناقشة أداء المساعدات الخارجية في التنمية الاقتصادية، وتنمية القطاع الخاص في منظمة التعاون الإسلامي، والأموال المحلية التي تغطي مشاريع التنمية، والأهمية المتزايدة لليوان الصيني (وخاصة في دول الآسيان). وفيما يلي موجز مختصر لكل مقال من هذه المقالات.

يدرس المقال الأول، "السياح الوافدون إلى الدول الإسلامية: ما قبل وما بعد 11 سبتمبر"، كيف تغيرت أنماط السياحة في الدول الإسلامية بعد الهجوم الإرهابي الذي نُفذ في مدينة نيويورك في 11 سبتمبر 2001. وباستخدام نموذج استقطاب تدفقات السياحة، خلصت الورقة البحثية إلى أن السياحة باتجاه عدد من الدول الإسلامية قد تأثرت سلبا عقب 11 سبتمبر. وعلاوة على ذلك، ربما لعبت الصورة السلبية التي عكستها وسائل الإعلام العالمية عن الإسلام والدول الإسلامية دورا في عرقلة أداء السياحة في الدول الإسلامية في السنوات الأخيرة.

يتناول المقال الثاني، "مؤشر قدرات العمال والمستوى الأمثل للتعليم في قطاع الخدمات الماليزي"، الآثار المترتبة عن مؤشر قدرات العمال والمستوى الأمثل للتعليم في قطاع الخدمات في ماليزيا في عام 2015. وبناء على نماذج الارتداد الأربعة (الأجور، العائد الحدي على التعليم، التكلفة الحدية، ومستوى التعليم الأمثل)، تشير النتائج إلى أن مؤشر قدرات العمال لا يؤثر على الأجور بشكل كبير؛ ومع ذلك، فهو يعرض علاقة إيجابية تعتبر عاملا محددا لسنوات الدراسة. وعلاوة على ذلك، فإن الورقة البحثية تختتم بأن 14 سنة (مستوى الشهادة) هي السنوات المثلى للتعليم في قطاع التعليم الماليزي. ومن المثير للاهتمام أن النتائج أظهرت أن 28.2 في المائة من المجيبين يصنفون دون المستوى الأمثل بينما يتجاوز 46.5 في المائة منهم المستوى الأمثل، وهو ما يستوجب خفض القيمة الإحصائية المذكورة آنفا في غضون السنوات القليلة المقبلة.

يحلل المقال الثالث، "تحويلات العمال والنمو الاقتصادي في فلسطين: أدلة من نموذج التوازن العام القابل للحساب" الآثار المترتبة عن تحويلات العمال على النمو والتنمية الاقتصادية، مع التركيز على فلسطين. وتُعد تحويلات العمال أحد أكبر مصادر التدفقات المالية الخارجية في الدول النامية. ففي عام 2015، أظهرت مصفوفة للحسابات الاجتماعية الفلسطينية (SAM) (بالقيمة الحقيقية) أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ارتفع بنسبة 0.42%، ومستوى الاستهلاك الخاص الحقيقي ارتفع بنسبة 4.95%، والواردات ارتفعت بنسبة 4.28%، والصادرات انخفضت بنسبة 6.86%، وصافي الضرائب ارتفع بنسبة 2.29%، والعجز التجاري ارتفع بنسبة 10.16%، ومعدل الاستيعاب ارتفع بنسبة 3.24%، وسعر الصرف الحقيقي قُدر بنسبة 1.6% (عن خط الأساس). 

يُقيم المقال الرابع، "عوامل الاقتصاد الكلي وسوق الأسهم في باكستان: أدلة من تقنية اختبار الحدود" ، تأثير متغيرات الاقتصاد الكلي على عائدات سوق الأوراق المالية المتمثلة في تغير سعر الصرف ومعدل التضخم وسعر الفائدة ونمو الإنتاج الصناعي وسعر النفط خام. وقد كشفت النتائج الرئيسية عن وجود تكامل مشترك بين المتغيرات، بالإضافة إلى أن الإنتاج الصناعي ومعدل الفائدة يعتبران عاملان محددان سلبيان لعائدات الأسهم على المدى الطويل. وخلصت الدراسة أيضا إلى أن جميع مؤشرات الاقتصاد الكلي في النموذج تدفع عائدات سوق الأوراق المالية على المدى القصير. وعلاوة على ذلك، يشير معامل تصحيح الخطأ إلى وجود درجة عالية من التقارب متجهة نحو التوازن على المدى الطويل. كما يمكن أن تعزى تقلبات سوق الأوراق المالية إلى التأثيرات الثقافية المتضاربة والاضطرابات الاقتصادية/ السياسية. ويبرز المقال بعض القضايا ويقدم رؤى واضحة للمستثمرين التي من شأنها أن تساعدهم على اتخاذ القرارات المثلى المتعلقة بالاستثمار في باكستان.

يدرس المقال الخامس، "هل تعزز المساعدات الخارجية النمو الاقتصادي في السودان؟ أدلة من تحليل اختبار الحدود في ظل نموذج الانحدار الذاتي ذو الإبطاء الموزع (ARDL)" العلاقة بين المساعدات الخارجية والنمو الاقتصادي في السودان. وتشير الورقة البحثية إلى وجود علاقة طويلة الأمد بين المتغيرات قيد الدراسة؛ وعلى وجه التحديد، تستأثر المعونات الأجنبية التي تتم على شكل المساعدة الإنمائية الرسمية (ODA) بتأثير إيجابي وهام طويل المدى على النمو الاقتصادي في السودان. ومن المثير للاهتمام، أن التفاعل بين المساعدات والفساد في المؤسسات العامة يفرض تأثيرا سلبيا وهاما طويل المدى على النمو الاقتصادي. ومن هذا المنطلق، تخلص الدراسة إلى أن المعونات تحفز النمو الاقتصادي على المدى الطويل من خلال مساهماتها في رأس المال البشري وتحسين مرافق البنية التحتية.

 يصف المقال السادس، "مؤشر تنمية القطاع الخاص في بلدان منظمة التعاون الإسلامي"، تنمية القطاع الخاص بصفتها عملية متعددة الأبعاد، من الناحية المفاهيمية والتجريبية. فهي تتضمن ميزات عديدة تشمل الكفاءة والجودة والاستدامة والأداء والديناميكية. ومع ذلك، لا يوجد مقياس واحد على المستوى القطري يستوعب كل هذه الميزات لتنمية القطاع الخاص. وتقدم هذه الدراسة مؤشرا جديدا مركبا لتنمية القطاع الخاص ومؤشراته الفرعية الأربعة: البيئة والاختراق والتطور والمساءلة. وقد تم وضع هذه المؤشرات من أجل منظمة التعاون الإسلامي ومن الممكن إعادة حسابها سنويا.  

يتصور المقال السابع، "تحويلات الأموال المحلية في الاقتصادات المالية الإسلامية"، نظرية اقتصادية إسلامية للأموال المحلية من أجل مواصلة تمويل المشاريع التي تحمل أهداف الاستقرار والأداء الاقتصادي، والتي تشمل  تداول نسبة 100% من مدخرات البنوك (التي تمسكها البنوك من أجل السيولة) و 100% من الحفاظ على النظام النقدي لمتطلبات الاحتياطي في التحويل النقدي الإسلامي. وكنتيجة لذلك، تنخفض الديون إلى الصفر؛ ويؤدي تحول السوق إلى زيادة في ملكية الأسهم من خلال تنويع المشاريع، وتنويع الحوافظ المالية لأدوات التمويل (تعبئ الوحدات النقدية على شكل مشاريع مبنية على تمويلات متناهية الصغر)، وزيادة في ملكية الأسهم (مما يجعل مستوى الإنتاج الحقيقي مرنا من الناحية الإحصائية). وبالتالي، تستقر الأسعار في غياب جميع أشكال أسعار الفائدة. والنتيجة هي العلاقة السببية البينية المعممة بين العلاقات المحلية المتغيرة داخليا.

يفسر المقال الثامن، "اليوان في اقتصاد الآسيان: كيفية استجابة الآسيان لتدويل اليوان" سبب قيام صندوق النقد الدولي بإدراج اليوان الصيني في حقوق السحب الخاصة به منذ نهاية عام 2015.  ونظرا لتزايد أهمية اليوان في العملة الدولية، تراقب مبادرة تشيانغ ماي لتعددية الأطراف (CMIM) تدويل العملة وعلاقتها بالأزمة المالية الآسيوية. وعلى وجه التحديد، يخلص المقال إلى وجود تأثير مهم لتدويل اليوان على حركة أسعار الصرف في أعضاء الآسيان، خاصة بعد اتفاقية التجارة الحرة المبرمة بين هذه الأخيرة والصين (ACFTA). كما تشير الأدلة العملية الواردة في المقال إلى أن زيادة التجارة بين دول الآسيان والصين ستزيد من تأثير اليوان في سوق العملات الأجنبية في الآسيان.

في هذا السياق، سيواصل سيسرك بذل جهوده لجعل مجلة التعاون الاقتصادي والتنمية مجالا مفتوحا أمام الأكاديميين والباحثين داخل وخارج الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لمشاركة أبحاثهم ودراساتهم القيمة مع جميع المهتمين من دول المنظمة والعالم الإسلامي ككل، وذلك من خلال تزويدهم بفرصة لمواكبة التطورات الاجتماعية والاقتصادية في البلدان الأعضاء في المنظمة في ظل التغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.

 نبيل دبور

رئيس التحرير

مقالات مجلة التعاون الاقتصادي والتنمية، المجلد 40 العدد 3 (2019)